ننشر أدناه النص الكامل للبيان المشترك للاجتماع الرابع عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط
الاجتماع الرابع عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية
في الشرق الأوسط
بطريركية الأقباط الأرثوذكس، القاهرة – مصر
10 مايو / أَيَّار 2024
بيان مشترك
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين.
مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ. (1بط 1 : 3- 4).
في بهجة عيد القيامة نتوجه بتحية العيد التقليدية ” المسيح قام … حقا قام” الى جميع المؤمنين في العالم.
نحن البابا تواضروس الثاني بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ومار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك انطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، والكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير، نشكر ربنا يسوع المسيح الذي منحنا اللقاء معاً للصلاة وتدارس القضايا والتحديات المشتركة، وذلك في بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة – جمهورية مصر العربية، وهذه هي المرة الرابعة عشر التي نجتمع فيها كرؤساء الكنائس مع لجنتنا الدائمة في إطار التعاون المشترك الذي بدء في عام 1998 م.
لقد أكدنا في اجتماعنا على وحدة الإيمان الذي هو أساس موقفنا العقائدي المشترك وتراثنا اللاهوتي منذ فجر المسيحية.
إن وحدتنا المتأصلة بعمق في الكتاب المقدس، والإيمان والتقليد الرسوليين، والمجامع المسكونية الثلاثة (نيقيه 325 م، القسطنطينية 381 م، أفسس 431 م) وتعاليم آباء كنيستنا، قد دعمت حياة وشهادة عائلة كنائسنا الأرثوذكسية الشرقية، كمصدر حي للقوة الروحية، والخدمة العامة والكرازة.
وقد ناقشنا المواضيع ذات الاهتمام المشترك لكنائسنا الثلاث، بالإضافة إلى الاقتراحات التي قدمتها اللجنة الدائمة، وفيما يلي أبرز ما دار في مناقشاتنا وقراراتنا:
أولاً: الوجود المسيحي والشهادة في الشرق الأوسط
إن الحضور والشهادة المسيحية في الشرق الأوسط لهما أولوية قصوى بالنسبة لنا، ونؤكد دائما ًعلى البقاء في هذه المنطقة بالرغم من التحديات العديدة التي تواجه أبنائنا، وكنائسنا مدعوة للعمل باستمرار من أجل السلام والعدالة في منطقتنا حيث عاش المسيحيون وشهدوا لإيمانهم في حوار مستمر مع جيرانهم لتعزيز القيم الروحية والأخلاقية والتفاهم والاحترام المتبادل.
نتقدم بالشكر لأبنائنا المخلصين وجميع الأشخاص ذوي النوايا الحسنة على مساعدتهم المستمرة لتمكين كنائسنا من الوفاء بالاهتمام بالرعاية والخدمة من أجل تعزيز وجودنا في هذه المنطقة.
إننا نتابع بقلق عميق الصراعات والتوترات التي يشهدها العالم في شتى أنحائه وخاصة في منطقتنا، وننضم إلى جميع محبي السلام في إدانة العنف بجميع أشكاله، كما إننا نحث المجتمع الدولي على اتخاذ الإجراء المناسب من أجل الإنهاء الفوري للعدوان على غزه والبدء بمفاوضات هادفة وذات مصداقية من أجل التوصل إلى حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
إن العدالة الكاملة هي وحدها القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل والحقيقي والدائم في الشرق الأوسط.
نصلي من أجل جميع المتضررين من هذه الحرب ونطلب من الرب أن يمنحنا الأمن والاستقرار حتى نواصل العيش معاً في وئام وتسامح مع جميع شعوب المنطقة.
ولا نزال نصلي من أجل الكشف عن مصير مطراني حلب المختطفين مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وبولس يازجي منذ أبريل 2013، ونناشد كافة السلطات مساعدتنا في هذا الأمر المُلِّح.
ثانياً: العلاقة مع العائلات الكنسية
تشَّاركت العائلة الأرثوذكسية الشرقية في عدد من الحوارات اللاهوتية الثنائية، ونحن نؤمن أن هذه الحوارات اللاهوتية ستعزز تعاوننا مع هذه الكنائس وتعمق جهودنا من أجل وحدة الكنيسة المنظورة.
أ. الحوار مع العائلة الأرثوذكسية:
إننا نعتبر الحوار اللاهوتي بين العائلتين الأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية ذا أهمية حيوية لاستعادة وحدة العائلتين الأرثوذكسيتين، وهناك رغبة قوية في إعادة تفعيل هذا الحوار وقررنا الدعوة لاجتماع لجنة تحضيرية من قبل ممثلي كنائس العائلتين في شهر سبتمبر/ أيلول من هذا العام في القاهرة، ونحن نؤيد كافة الجهود الرامية إلى مواصلة هذا الحوار.
ب. الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية:
إننا نقدر العمل الذي قامت به اللجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية، التي احتفلت هذا العام بالذكرى السنوية العشرين لتأسيسها في روما (22 – 26) يناير / كانون الثاني 2024 م.
لقد تلقينا تقرير اللجنة بارتياح، والذي “أوصت فيه اللجنة المشتركة بأن الذكرى العشرين قد تكون فرصة لتقييم وثائقها والتفكير في منهجيتها من أجل رؤية التحسينات الممكنة للخطوات التالية للحوار، ولهذا الغرض سيتم تشكيل لجنة تنسيقية لكلا من العائلتين، وإعداد مشاريع مقترحة بعد التشاور مع الجهات المعنية، وستتم بعد ذلك مناقشة هذه المقترحات من قبل لجنة تنسيق مشتركة”.
كما تلقينا أيضاً رسالة ممثلي الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في هذه اللجنة بتاريخ 26 يناير / كانون الثاني 2024م، واستجابة لطلبهم نوصي بتعليق الجلسات العامة للجنة وتعيين سبعة أعضاء (واحد من كل بطريركية/كاثوليكوسية في لجنة التنسيق الأرثوذكسية الشرقية، وسوف تقوم اللجنة بما يلي:
1- البحث عن طرق منهجية جديدة لمواصلة الحوار.
2- مواصلة تقييم عمل اللجنة المشتركة منذ تأسيسها.
3- مطالبة دائرة تعزيز وحدة المسيحيين موافاتنا بآخر التطورات المتعلقة بـ Fiducia Suplicans: حول المعنى الرعوي للبركة الصادر في 18 ديسمبر / كانون الأول 2023، التي أدت إلى انتشار البلبلة والقلق بين أبنائنا.
4- تقديم تقرير إلى رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية للمناقشة واتخاذ القرار خلال عام من تاريخه.
ج. اللجنة الإنكليكانية – الأرثوذكسية الشرقية العالمية:
تلقينا مع التقدير تقرير اللجنة الإنكليكانية – الأرثوذكسية الشرقية العالمية (24-27 أكتوبر / تشرين الأول 2023 – الأردن).
نوصي بمواصلة هذا اللقاء ونقترح أن يتضمن جدول الأعمال القضايا الاجتماعية والأخلاقية التي أصبحت مثيرة للانقسام في العالم المسيحي.
ثالثاً: المجالس المسكونية
نؤكد التزامنا بالحركة المسكونية وأهدافها ورؤيتها باعتبارنا أعضاء في مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط، ستواصل كنائسنا دورها النشط في هذه الهيئات المسكونية من خلال ممثليها.
أ. مجلس الكنائس العالمي:
الكاثوليكوس آرام الأول هو رئيس مجلس الكنائس العالمي ممثلاً للعائلة الأرثوذكسية الشرقية.
القس البروفيسور الدكتور جيري بيليه الأمين العام قد زار لبنان في مارس / آذار 2024 والتقى بالبطريرك إغناطيوس أفرام الثاني والكاثوليكوس آرام الأول، وتم خلال اللقائين التأكيد على أهمية تعزيز العلاقات المسكونية بين الكنائس وضرورة الصلاة والعمل معاً من أجل السلام والعدالة في الشرق الأوسط.
خلال اجتماع مسكوني في أنطلياس استضافته كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير، ألقى الكاثوليكوس آرام الأول كلمة رئيسية حول مستقبل الحركة المسكونية، تلاها عرض للأمين العام حول التحديات التي تواجه مجلس الكنائس العالمي.
بمناسبة الاحتفال باليوبيل المئوي السابع عشر لانعقاد المجمع المسكوني الأول في نيقيه (325م)، سوف تستضيف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الاحتفال المسكوني الذي سوف تنظمه لجنة الإيمان والنظام التابعة لمجلس الكنائس العالمي بالمقر البابوي (لوجوس) بدير الأنبا بيشوي بمصر بتاريخ في أكتوبر / تشرين الأول 2025.
ب. مجلس كنائس الشرق الأوسط:
نيافة الأنبا انطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي بالقدس هو رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط ممثلاً للعائلة الأرثوذكسية الشرقية.
إن دور مجلس كنائس الشرق الأوسط في المنطقة حيوي وباعتبارنا من الكنائس المؤسسة للمجلس، فإننا نشارك بشكل مسئول وكامل في عمله بواسطة ممثلينا من الإكليروس والعلمانيين، ونصلي من أجل نجاح خدمة المجلس ورسالته في هذه الأوقات الحرجة التي تمر بها المنطقة، كما نهنئ المجلس بمناسبة اليوبيل الذهبي لتأسيسه.
رابعاً: أخبار كنائسنا
إن مشاركة الأخبار حول الأنشطة المهمة لكنائسنا هي تجربة غنية وتساهم في بناء حياة الشركة والخدمة بيننا، ولقد علمنا بفرح روحي عظيم الخدمة المتفانية التي تقدمها كنائسنا لمؤمنينا في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم من خلال الاحتفالات الليتورجية والخدمة الاجتماعية والرعوية والبرامج والأنشطة المختلفة في مجالات متعددة في الحياة.
ومن أجل مواصلة تعاوننا بطريقة أكثر تنظيماً، قمنا بتعيين لجنتين فرعيتين للمعاهد اللاهوتية والشباب اللتين ستعملان تحت إشراف اللجنة الدائمة.
خلال مداولاتنا، طرحنا مرة أخرى مسألة اعتماد موعد مشترك للاحتفال بعيد القيامة المجيد من قبل جميع الكنائس، ونحن ندعو الكنائس الأرثوذكسية والفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط إلى إعادة النظر في هذا الموضوع، كما نحث الكنائس على النظر جدياً في هذا الأمر بروح مسكونية.
بمناسبة الاحتفال بمرور سبعة عشر قرنًا على انعقاد المجمع المسكوني الاول في نيقيه (325 – 2025 م)، طلبنا من اللجنة الدائمة تنظيم احتفالية للعائلة الأرثوذكسية الشرقية بهذه المناسبة.
خامساً: الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الهند
قد استمعنا إلى تقرير عن أوضاع الكنيسة السريانية في الهند واطلعنا على جهود بطريركية أنطاكية للسريان الأرثوذكس الهادفة إلى التقارب وإيجاد حل لهذه المشكلة، وندعو الله أن تنجح جهود المصالحة.
في الختام نناشد المؤمنين في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم أن يعيشوا بحسب تعاليم الإنجيل المقدس وقيمه، وأن يعززوا مشاركتهم في الحياة الكاملة لكنائسنا وشهادتها، ونحث الإكليروس والعلمانيين على العمل معًا لتعميق وحدة كنائسنا والتعبير عنها بشكل ملموس.
وإذ نهنئ فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على ثقة الشعب المصري من خلال إعادة انتخاب فخامته لمدة رئاسية جديدة، ونتقدم بالشكر للكنيسة القبطية الأرثوذكسية الشقيقة على استضافة هذا اللقاء.
وإذ نتقدم بالشكر للرب على إرشادنا في مناقشاتنا وقراراتنا، نطلب منه أن يمنحنا القوة والشجاعة والحكمة لمواصلة الرسالة الإلهية بالتزام متجدد والعمل على وحدة كنيسته المقدسة.
المجد للثالوث القدوس – الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
مار أغناطيوس أفرام الثاني
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
البابا تواضروس الثاني
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
الكاثوليكوس آرام الأول
كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير