(نقلاً عن شام برس) :
أكّد نيافة المطران يوحنا إبراهيم رئيس طائفة السريان الأرثوذكس بحلب خلال مداخلته الثانية التي قدمها في لقاء قادة الأديان الذي أقيم على مدار يومين في مركز الثقافة الوطنية بالنروج، إلى أن الغرب وكما ثبُت تاريخياً لم يساعد على بث روح الأخوة بين المسيحيين والمسلمين في الشرق، مشيراً إلى أن : ” الحوار بالنسبة لمسيحيي المشرق هو العيش بسلام وتقاسم الحياة بحلوها ومرّها وبناء الأوطان على أساس حوار الحياة والعمل والتجارب “، مشدداً على أن قانون حماية الأقليات قانون جائر وليس لأحد في الغرب مسيحياً كان أم غير مسيحي أن ينصب نفسه حامياً لمسيحيي الشرق.
وأشار المطران أمام أكثر من عشرين شخصية من قادة الأديان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبعض الدول الأوروبية، إلى أن مسيحيي المشرق ليسوا حالة طارئة في مجتمعاتهم وليسوا غرباء أو أجانب : ” فنحن استقبلنا الإسلام وهو بعد في مهده وعانقنا المسلمين وبنينا جسوراً من المحبة والأخوة بين بعضنا، وعندما جاءت الإرساليات التبشيرية قسمت كنائسنا ولم توحدها فهذه الحالة لم تكن لصالح المسيحيين الشرقيين الذين تشرذموا وانقسموا على بعضهم ثم دخلوا في حرب كلامية لعدة قرون مما أدى إلى تصدع جسم الكنيسة الواحدة “.
وتحدث رئيس طائفة السريان الأرثوذكس بحلب عن العلاقة بين الإسلام والغرب من خلال تساؤلات قدمها في مداخلته حول ما إذا كان الغرب فهم الإسلام كما فهمه المسيحيون الشرقيون، وهل عرف قيمة القرآن الكريم كما عرفته الكنائس وجرى حول نصوصه حوارات خاصة في العصرين الأموي والعباسي ؟، وأضاف : ” إن الغرب هو من ادخل اصطلاحات جديدة في قاموس العلاقات منها اصطلاح الأقليات غير المستخدم في تاريخ العلاقات بين أتباع الديانتين، ومن هنا أطالب بأن يحذف هذا المصطلح الذي فيه نوع من الإهانة إلى سكان البلاد الأصليين فمن أجل إيمانهم يكون من الأقليات واقترح استخدام كلمة مكون ومكونات المجتمع وهنا تتساوى حقوق كل المكونات دون النظر إلى الدين أو المذهب أو العدد “.
وعن الحروب التي عاشتها المنطقة قال المطران : ” تجربتنا مع حملات الفرنجة مريرة ومازالت آثارها حتى هذا اليوم فبين بعض من يجهل التاريخ من يعتقد بأن المسيحية هي من صنع الفرنجة، وأن المسيحيين المشرقيين حتى اليوم هو من أتباع الفرنجة أي الغرب، وأن ما حصل في العراق في الآونة الأخيرة هو صورة طبق الأصل لما حصل في الماضي، لا بل هناك اعتقاد أن الغرب هو وراء هجرة المسيحيين كما حصل في فلسطين ولبنان والعراق واليوم في باقي البلدان في الشرق الأوسط وقبل ذلك في تركيا وإيران.
وختم إبراهيم مداخلته بالإجابة عن تساؤل تمحور حول ما يمكن للغرب تقديمه تجاه الشرق، فقال : ” إذا كانت أوروبا جزءاً من المشكلة فهي جزء من الحل، من هنا أرى أن الغرب يستطيع أن يلقي الضوء على الحضور المسيحي في الشرق ويبني ذلك في العلاقة الأخوية التي هي منذ البدء بين المسيحيين والمسلمين ويستخدم في نشر ثقافة اللاعنف واحترام الآخر والحوار والمصالحة بعض الوسائل منها الإعلام الكنسي بصورة خاصة والمؤتمرات بكل أنواعها والمعاهد والكليات والجامعات خاصة المعنية بالأمر وضبط المنابر الدينية المسيحية في الغرب والإصدارات من الكتب والمقالات، وتبادل الزيارات بين المقامات الدينية في الشرق والغرب “.
وكان نيافة المطران قدم مداخلة أولى مع بداية أعمال اللقاء الديني تحدث من خلالها عن معنى التجسيد الإلهي في نظر المسيحية اليوم، ووجه أنظار المجتمعين إلى أن زمن التغييرات الذي تشهده المنطقة يحتاج من قادة الأديان والجماعات الدينية اتخاذ ثلاثة مواقف أولها نبذ العنف وبناء السلام، إضافة إلى حماية وتقوية الجماعة أمام كل أشكال التحديات، ودعم المصالحة في المجتمع.
يشار إلى أن لقاء قادة الأديان الذي أقيم على مدار يومين وتخلله ثلاث جلسات حوارية، شهد العديد من المداخلات الهامة التي تقدم بها نخبة من الشخصيات الدينية مثل محمد سماك من لبنان، محرزية العبيدي من تونس، المطران المتقاعد كونر شتولسيت، الحاخام جاكي قادوش من المغرب، الدكتور مصطفى علي، والدكتور سامح فوزي من مصر، كما تناولت المداخلات دور الجماعات والقادة الدينيين في زمن الربيع العربي وإمكانية دفع عجلة التغيير المطلوبة لصالح الشعوب والدول.
كما خرج المؤتمرون ببيان ختامي سيتم إرساله إلى كافة المقامات الدينية ومراكزها لأخذه بعين الاعتبار وإيجاد السبل الكفيلة بتطبيق ما ورد فيه.