سيدي صاحب القداسة…
لا اعتقد أن الكلمات التي سمعتموها من العزيزين رازق سرياني أمين سر المجلس الملي في الكاتدرائية، وأدوار تورو نائبي في المجلس الملي لمرعيث مار جرجس، تكفي لتعبر عن محبتنا وولائنا للكرسي الرسولي والجالس عليه سعيداً.
إن أبرشية حلب كما تعرفون لها أهداف كثيرة ضمن الأبرشية وخارجها، في الأبرشية نحن نوجه أنظارنا إلى خدمة الإنسان في كل المجالات، ومن هنا فاللجان والمؤسسات العاملة تتوزع أعمالها بين خدمة الإنسان الفقير والمحتاج في الدرجة الأولى. فعندنا لجنة الرحمة للسيدات، ولجنة الرحمة للرجال، ولجنة مار جرجس الخيرية التي تقدم كل عون خلال كل أيام السنة، وفي مواسم روحية دينية معروفة.
ولا مرة واحدة أغلقنا الباب أمام المحتاج إلى المساعدة في هذه الأبرشية، سواء كانت المساعدة مادية أو معنوية، وأيضاً عندنا لجنة خاصة لمستوصف مار أفرام، هذا المستوصف مع توأمه مستوصف مار جرجس يقدم خدمة كبيرة للمريض في هذه المدينة، عندنا لائحة بأسماء ما لا يقل عن /20000 / مريضاً يأتون إلى المستوصفين مار أفرام ومار جرجس من المسلمين والمسيحيين، فنقدم لهم أولاً خدمة مجانية من خلال أطباء يعملون معنا، ثم الأدوية التي نوزعها عليهم مجاناً.
بالإضافة إلى هذه الخدمات عندنا لجان كثيرة لا أريد أن أعددها، ولكن اهتمامها يدور في الشؤون التربوية، والخدمية، والأوقاف، والقانونية والمالية، وعندنا كشاف مار أفرام ومار جرجس، وكورالات وجوقات ترتيل، وكل هذه اللجان تعمل بحسب توجيهات راعي الأبرشية، والمجلسين المليين في سبيل أن نرفع من شأن هذه الطائفة والكنيسة، بل من شأن كل سرياني، ومسيحي في هذه المدينة، ونربط علاقاتنا مع أخوتنا المسلمين على أكمل وجه لكي نشعر الجميع، بأن رسالة المسيح كانت رسالة للجميع كانت رسالة لكل إنسان.
هذا فخر، وبركة بأن قداستكم تفتتحون الجلسة الأولى للمجلسين المليين الجديدين لكاتدرائية مار أفرام ولكنيسة مار جرجس، هذا التعاون الذي ترونه كان في الماضي، وهو اليوم حاضر، وإن شاء الله يدوم للمستقبل، إنما يُشير إلى أن الكنيسة بدون تعاون العلمانيين لا يمكن أن تتقدم.
نحن نعتبر أنفسنا بالدرجة الأولى ملتزمين بدستور الكنيسة وقوانينها، ونظام المجالس الملية، لا رجال الدين يتطاولون على العلمانيين، ولا العلماني يريد أن يتطاول على رجال الدين، هنالك فاصل ما بين الاثنين في موضوع الخدمة، ولكن هنالك أيضاً درباً واحداً يجعلنا أن نسير فيه نحو الرب يسوع لخدمة الأبرشية، ولخدمة كل إنسان.
صاحب القداسة…
هذا الإكليروس الحاضر معنا مع عائلاتهم، وأعضاء المجلسين المليين، ورؤساء وأعضاء اللجان العاملة في الأبرشية، كلها تُظهر تعاوناً كبيراً في سبيل أن تبقى سمعة السريان عالية كما تريدونها. نحن نشعر بأننا في أبرشية حلب جميعاً نتعلم من مدرسة قداستكم، التي هي مدرسة الانفتاح، مدرسة المحبة للجميع، مدرسة العمل معاً في سبيل أن تبقى مؤسسات الكنيسة مرتفعة راياتها، وفي كل المجالات.
يسعدني مرة أخرى أن أذكر أمام قداستكم بأننا بألف خير، نشعر بأن كل ما يدور في هذه المنطقة لا يؤثر علينا وعلى حضورنا، أبرشية حلب ربما تكون بين الأبرشيات القليلة جداً التي ترك وغادر أبناؤها إلى خارج سورية، لا بل نحن عددنا يزداد في كل سنة، لو أردنا أن نتكلم بلغة الإحصاء فسنة /1880 / كان عندنا عائلة سريانية أرثوذكسية واحدة فقط، وكانت مؤسساتنا مشلولة، وعدد الكهنة تقريباً لا يُذكر، اليوم بعد حوالي مرور مئة وثلاثين سنة ونيّف نشعر بأن هذه الأبرشية ازدهرت كثيراً، أولاً بدعاء وصلوات قداستكم، ثم لا ننسى جهود سلفي نيافة الحبر الجليل المثلث الرحمة المطران مار ديونيسيوس جرجس القس بهنام الذي ضحى في هذه الأبرشية مدة خدمته لأكثر من ربع قرن في سبيل أن يجعل هذه السمعة عطرة في كل الأوساط.
إذاً، هذا هو فخر بأن أبرشية حلب تنمو وتزداد إيماناً، وعملاً، ونشاطات، وكما شاهدتم في الزيارة الماضية، كل هذه النشاطات التي نقوم بها في هذه الأبرشية تدور في محور واحد هو خدمة الإنسان، سواء كانت النشاطات تربوية، أو دينية، أو ثقافية، أو اجتماعية، وحتى العمرانية، التي ازدادت في هذه الأبرشية بفعل صلوات قداستكم وتوجيهاتكم التي دائماً نريد أن تكون موجودة في الأبرشية.
صاحب القداسة…
نحن اليوم في أول جلسة للمجلسين المليين الجديدين فأطلب من قداستكم هو أن تصلوا دائماً من أجل راعي هذه الأبرشية، وخادمها، وملاكها، ومن أجل كهنتي لكي يبقوا في خط المسيح، ويشهدوا دائماً للمسيح في خدمتهم، ومن أجل كل العاملين معي في هذه الأبرشية نائبي الرئيس للمجلسين المليين، جميع الأعضاء، ورؤساء اللجان، والأعضاء فيها، لكي تبقى هذه الأبرشية بدعمكم الأبوي والروحي، وصلواتكم مزدهرة في كل المجالات.
أريد أن أعلن للأخوة الأحباء أننا منذ يومين استقبلنا السيد رئيس مجلس الوزراء الأستاذ المهندس محمد ناجي عطري، الذي عبَّر عن محبته الفائقة لقداسة سيدنا البطريرك مار أغناطيوس زكا، ولهذا عندما جاء إلى قداسته فعلاً شعرنا أن رئيس الوزراء يأتي كصديق إلى هذا الرجل الكبير لكي يأخذ منه الدعاء. وبعد يومين سيزورنا أيضاً العماد ميشيل عون قادماً من لبنان بمناسبة عيد مار مارون، سيكون في هذه الصالة لتناول الطعام مع قداسته، وهكذا نحن نشعر بأننا جزء من هذا المجتمع، جزء من هذا الوطن، ودائماً نعمل على أن تكون العلاقات متميزة لكي نستطيع أن نقول بأن الكلمات التي نستعملها كالوحدة الوطنية، والعيش المشترك، ليست كلمات فارغة، إنها حقيقة واقعة، نعيشها في هذا البلد العزيز.
مرة أخرى سيدنا اشكر قداستكم، أنا أعلم أنكم في حالة صحية كانت غير مرضية، والآن صارت مرضية، ويشهد أبناؤكم وبناتكم أنهم عندما استقبلوكم أولاً كنتم على الكرسي، والآن يستقبلونكم على أرجلكم، أرجو دائماً أن تكونوا بصحة وعافية، إن الكنيسة بحاجة إلى صلواتكم، إلى رعايتكم، إلى حكمتكم، إلى رؤيتكم، إلى ما فيه الخير لأبنائكم، أطال الله بعمركم.