المرحوم الملفونو ابروهوم نورو في سطور

بمناسبة نقل مكتبة الملفونو المرحوم أبرهوم نورو إلى مكتبة مرعيث مار جرجس، ندرج للقراء الكرام نبذة مختصرة عن حياة الملفونو ابرهوم. تغمده الله بواسع مراحمه.

– في مدينة الرها، المدينة المباركة أبصر النور إبراهيم بن نوري كهلجي (أبروهوم نورو) سنة (1923) من عائلة سريانية أرثوذكسية.

– وبتاريخ 25 شباط من عام 1924 ترك السريان الرهاويون مدينتهم، وتركوا ما فيها من أمجاد وعظمة آبائهم السريان، وقصدوا مدينة حلب، وحلّوا في رابية من روابيها، سميت بـ: برّاكات السريان وقتئذٍ، ومن بين الذين هاجروا نوري كهلجي وعائلته، بينهم ابراهيم وكان ابن سنة واحدة.

– عندما وصل الشعب السرياني إلى حي السريان بنى أولاً كنيسة صغيرة مصنوعة من خشب وإلى جانبها مدرسة بدائية بسيطة، وكان حلمهم أن تكون مدرستهم في حلب امتداداً لمدرسة الرها العريقة، في هذه المدرسة درس الفتى أبروهوم عام 1929, أولاً على يد المعلم أسحق طاشجي مبادئ اللغة السريانية، والصلوات الفرضية البسيطة المعروفة في كتاب الإشحيم والألحان الكنسية في كتاب البيث كازو.

– انتقل بعدها إلى مدرسة كنيسة مار أفرام في حارة الهّزازة، حيث زادت محبته للغة أبائه اللغة السريانية وبخاصة لأنه تعرف إلى شخصيات سريانية كانت من وجوه الكنيسة ووجهاء الطائفة في ذلك الوقت، مثل: القس يوسف كوكو والملافنة: اسحق طاشجي جامرلي ومنصور شيلازي, شكري طراقجي, يوحانون قاشيشو، وغطاس مقدسي الياس.

– عام 1946 حصل على منحة من الملحق الثقافي للسفارة الفرنسية ودخل كلية الحقوق اليسوعية جامعة مار يوسف في بيروت وقبل السنة النهائية اضطر إلى إيقاف دراسته بسبب المرض.

– اعتباراً من عام 1950 تابع دراسة اللغة السريانية وآدابها بجهده الخاص واتصالاته العديدة مع علماء اللغة من أمثال الراهب (المطران بعدئذ) يوحنا دولباني والملفونو يوحانون سلمان والملفونو عبدالمسيح قره باشي والملفونو دنحو غطاس والراهب (المطران بعدئذ) فولوس بهنام والعلامة فولوس بيداري والمطران اسطيفان بللو.

– فكّر أولاً أن يتطوع في الجيش السوري، فخدم فترة قصيرة كضابط، ولكن أراد أن يستفيد من شهادة البكالوريا أكثر, فانتقل إلى بيروت, وتحديداً إلى جامعة القديس يوسف حيث درس الحقوق, ولكن بسبب مرض أنتابه انقطع عن الدراسة، وبدأت اتصالاته بالمهتمين باللغة السريانية وآدابها وتراثها خاصة بين السريان الموارنة.

– بعد سنتين عاد إلى المدينة التي كبر فيها، وإلى حي السريان الذي نشأ فيه، والذي كانت في نفسه له ذكريات، وبدأ الحماس يدب فيه، فاهتم بالتنشئة، فأسس مع العاملين في الطائفة أخوية الإيماس للمرحلة الإعدادية، والإيتاس للمرحلة الثانوية.

– وهنا بدأت محبة الشاب أبروهوم تكبر للغة السريانية بشكل منقطع النظير، حتى وصلت لحد العشق، على عكس الشباب الذين بعمره وكانوا يبحثون عن الزواج، أخذ هو بالبحث والتعمق في هذه اللغة ومصطلحاتها، فلقّنها في البداية لأفراد أسرته لتصير بذلك أول أسرة سريانية رهاوية معاصرة تتكلم بالسريانية الفصحى في البيت.

– وتفرغ كلياً بالتعمق بلغة آبائه اللغة السريانية، ومنذ عام 1947 أنخرط في سلك تدريس اللغة السريانية عن طريق الدورات التي كانت أولاها في القدس، وهكذا تتالت الدورات في كلٍّ من دمشق، حلب، جبل لبنان، ودير مار أفرام في العطشانة، وفي أديرة الرهبان الموارنة خاصة في جامعة الكسليك.

بعد عام 1964 سكن في بيروت مع أهله وهناك كان يتردد على المكتبات العامة والمعاهد والجامعات التي تعلم السريانية وذلك حتى عام 1982 حيث عاد إلى حلب مع أسرته.

– وفي عام 1967 زار معظم المراكز السريانية 6 في العالم، وألّف في هذه الزيارات كتاباً أسماه جولتي وفيه معلومات عن هذه المراكز، وعن الكتّاب، والأدباء السريان.

– وكان الملفونو أبروهوم قد أبتكر طريقة تعليم جديدة بأسلوب سمعي بصري حديث أسّماها طريقة السولوقو, طبعت في كتاب بهولندا سنة 1989.

ولم يرتبط بالزواج إلا عندما بلغ الواحد والسبعين من عمره، فبارك نيافة مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم (أعاده الله سالماً) إكليله على السيدة أنطوانيت باندو التي بقيت وفية له ومعه حتى وفاته، وكانت خير عون له، وذلك في كاتدرائية مار يعقوب النصيبيني بالقامشلي في 15/أيار/1994.

– وفي عام 1997 أصدر كتابه الثالث المعنون بـ ܬܘ̈ܠܕܬܐ ܣܘܪ̈ܝܝܬܐ أي المصطلحات السريانية المستحدثة، وهو حصيلة جهد كبير وأعوام عديدة من الدراسة والبحث.

– يملك الملفونو أبروهوم مكتبة ضخمة، تعتبر من أكبر وأهم أمهات المكتبات السريانية التخصصية الخاصة، فهي مكتبة شاملة جمع كتبها خلال ستة عقودٍ من الزمن، فيها كتب باللغات السريانية، العربية، التركية، الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية. وأما موضوعاتها فهي تتنوع ما بين: التاريخ، اللغة، النحو، الدين، الصحة، الطب، وعدد كبير من القواميس (من وإلى السريانية) بينها بعض الطبعات الأولى النادرة والمفقودة. وقد أوصى بنقل هذه المكتبة إلى حضن مرعيث مار جرجس الذي أحبه وأخلص له طوال حياته. وتم تنفيذ بنود الوصية بالكامل وافتتحت المكتبة بهمة المجلس الملي لمرعيث مار جرجس ولجنة مار رابولا للمكتبة السريانية بتاريخ 6/1/2022 في ذكرى مرور 12 عاماً على وفاته.

– أما محبته للغة السريانية والغوص بتاريخ شعبه وعشقه للتراث والآباء والملافنة فحدث عنه ولا حرج! كان يقول دائماً: نحن نعرف بأننا تلاميذ الملفان نعوم فائق، ونسير في خطاه بحسب كلماته ونصائحه وإرشاداته، ونعمل على إتمام ما كان يرغب ويجب أن يكون لشعبنا. وأما عن الملفونو يوحانون قاشيشو فكان يقول: إنه أول من فتح أعيننا على هذه الطريق. – وكانت علاقته مميزة مع المثلث الرحمة المطران يوحنا دولباني مطران ماردين سابقاً، والمرحوم الملفونو غطاس (دنحو) مقدسي الياس الذي بقي يراسله حتى أيامه الأخيرة.

– بقي الملفونو أبروهوم ملتزماً دائماً بخدمة كنيسته السريانية الأرثوذكسية وخاصةً في مرعيث مار جرجس، إذ كان يقف يومياً صباح مساء على الكود مع الكهنة وبعض الشمامسة، ويصلي في كتابي الإشحيم والفنقيث, ولم ينسَ أن يسجل ملاحظاته على الكلمات والعبارات والمصطلحات، ونظراً لمحبته الكبيرة للكنيسة رسمه مطران الأبرشية مار غريغوريوس يوحنا شماساً قارئاً ثم أفودياقوناً بتاريخ 4/3/2001 في كاتدرائية مار أفرام السرياني بحلب.

– أتقن الملفونو أبروهوم اللغات السريانية والعربية والإنكليزية والفرنسية والتركية وألم بالألمانية. وحاضر كثيراً في السريانية ولغتها وتراثها وآدابها في كامبريدج وأكسفورد والهند والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والبلدان العربية وتركيا وإيران.

– مـؤلفاتـــــه:

1-  دراسة عن مار أفرام السرياني باللغة السريانية عام 1946

2- الأسطرنجيلية المستقلة (بالسريانية والعربية) مع الملفونو عبد الكريم شاهان، طبع في بيروت عام 1967

3- كتاب جولتي في أبرشيات الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في سوريا ولبنان (بالعربية والسريانية والإنكليزية ط 1967

4- أفرام في المصادر العربية والسريانية حتى عام 1973

5- مشروع تثبيت المصطلحات السريانية المستحدثة في مختلف الميادين حوالي (700) كلمة

6- مساهمة في إغناء ملحق لـ قاموس (منـّـا) تتضمن 2100 كلمة ومصطلح جديد

7- سولوقو: وهو كتاب تعليمي لمبادئ اللغة السريانية بطريقة سمعية بصرية طبع في هولندا عام 1989

8- تاولدوثو: أي المصطلحات السريانية المستحدثة مبادئ ومقاييس وأمثلة طبع عام 1997

9- سولوقو الترجمان: أي ترجمة كلمات ومصطلحات الكتاب التعليمي المذكور إلى اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية مع تصريفات أساسية

10-ثبت مكتبة أبروهوم نورو لخدمة التراث السرياني وهي تحوي اليوم (3850) كتاباً عن شتى مواضيع اللغة السريانية وآدابها وعلومها وفنونها وتاريخها باللغات السريانية والعربية والفرنسية والإنكليزية والألمانية والتركية

11- مقالات وقصائد ومحاضرات عدة

12- مسودات مخطوطة فيها دراسة عامة عن أوضاع أبرشياتنا (اجتماعيا ًوثقافياً وعمرانياً).