المسيحيّون في سورية تحديّات لاهوتيّة وسياسيّة

بدعوةٍ من الأكاديميّة الكاثوليكيّة في هامبورغ ـــ ألمانيا، ألقى نيافة راعي الأبرشيّة مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم محاضرةً بعنوان : المسيحيّون في سورية: تحديّات لاهوتيّة وسياسيّة، أمام جمهرة من الألمان الذين غصّت بهم قاعة الأكاديميّة، كما حضر بعض السوريّين والعرب بينهم من الموالاة والمعارضة.

وتضمّنت محاضرة نيافته ثلاثة أقسام :

أوّلاً: تحدّث فيه عن حضارة وأديان الشرق الأوسط، ذكر منها: حضارة بلاد الرافدين، والشرق، والنيل. أمّاعن الأديان فتحدّث عن اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام، وقال: إنَّ الله الواحد الأحد هو إله جميع المؤمنين من أتباع هذه الديانات.

ثمّ انتقل إلى الطوائف المسيحيّة بعائلاتها الأربع، وقال: إنّ الحركة المسكونيّة جمعت بينهم، وقرّبت من وجهات النظر بين قادة هذه الطوائف.

أمّا القسم الثاني فتضمَّن معلوماتٍ عن سورية اليوم، وقال: بما أنَّني قادم من سورية، فإنَّ وطني أخذ مساحةً كبيرةً من الإعلام العالمي اليوم، ولهذا أريد أن ألقي الضوء على الحالة الحاضرة، ودور المسيحيِّين في هذا الوقت المضطرب. وهم يواجهون أسئلةً منها: ماذا يتوقّع الإعلام الغربي ممّا يقوله عن سورية اليوم؟ هل التظاهرات والاحتجاجات ستقودنا إلى أمرٍ ما، ومتى ستنتهي؟ المهم أنّ الكلّ يُجمع أنّ ما يحصل اليوم ليس لصالح سورية، ولا للإصلاحات المطلوبة كما أنَّها لا تساعد لموقف سورية من القضيّة الفلسطينيّة.

المسيحيّون اعتادوا أن يعيشوا في جوّ المسامحة الدينيّة، لهذا هم يُصرُّون على العيش معاً، وسورية تقدِّم نفسها كوطن يعيش في فضائه أتباع الديانات والإثنيّات والثقافات، وقال نيافته: إنّ المعارضة لها الحقّ أن تتظاهر، ولكن بشرط أن تكون تظاهرات سلميّة، والدولة يجب أن تستجيب لطلبات الشعب الشرعيّة. والمسيحيّون في سورية يَدينون كلّ أنواع الفساد والأخطاء الحاصلة في الإدارة، ويؤيِّدون الإصلاحات المطلوبة من المواطنين. ثمّ قال أيضاً: في سياق العلاقة بين المسلمين والمسيحيِّين، إنَّ سورية والمسلمون بصورةٍ خاصّة سيخسرون المسيحيّين في حال هجرتهم، لهذا يتطلَّع الجميع إلى أن يتعاون المواطنون من أجل العدالة الاجتماعيّة والسلم الأهلي. وأخيراً أعلن: إنّ كلّ السيناريوات المطروحة على السّاحة يمكن أن تؤدّي إلى خراب الوطن ودماره، ولا يريد السوريّون أن يصبح وطنهم مثل لبنان بعد عام 1975. وفي حديثه عن هجرة المسيحيّين قال: حتّى الآن لم تحصل هجرة للمسيحيِّين، ربّما بسبب عدم وجود إمكانية للحصول على الفيزا، ولكن هذه نقطة إيجابيّة تنفع كثيراً لتفاعل دورهم في وطنهم الأم.

في اليوم التالي، خرجت الصحافة الألمانيّة خاصّةً والأوروبيّة عامّة بتعليقاتٍ تخللتها بعض المواقف منها الإيجابيّة ومنها السلبيّة. وكانت الندوة في مساء يوم الاثنين الواقع في  5/ 3/ 2012. وكتب موقع www.zenit.org  (العالم من روما) وهو موقع كاثوليكي وصفاً للندوة ننقله بأمانة:

متروبوليت حلب : مسيحيّو سورية يريدون الإصلاح وعدم التدخّل الأجنبي، جاء فيه: صرَّح متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم أنّ المسيحيِّين في سورية ليسوا مضطهدين وأنّه من الصعب إيجاد دولة فيها تعايش وتسامح ديني أكثر من سورية.

هذا وأوضح الميتروبوليت وأنّ المسيحيِّين في سورية قد ساندوا بكلّ قلبهم التظاهرات السلميّة المطالبة بإصلاحات على مختلف الأصعدة منها :

إلاّ أنّه عبّر عن رفضه للتدخّل الأجنبي قائلاً: نحن لسنا بحاجة لتدخّل من أي طرفٍ كان، وحذّر من تردي الوضع بحيث تتحوّل سورية إلى لبنان ثانٍ بعد عام 1975.

علماً بأنّ مداخلة إبراهيم قد تخلّلها ردّات فعل متنوّعة في الجمهور. وقد عبّر مداخل آخر، وهو بسام إسحق، الناطق باسم المجلس الوطني السوري، عن عدم قبوله بنظرة ميتروبوليت حلب، معتبراً أنّ المسيحيِّين قد تعرّضوا لاضطهاد إجرامي، وقدّم أمثلة عن أشكال أخرى من الاضطهاد منها الضغط والوظائف.

على صعيد آخر عبّر أوتمار أوهرينغ، ممثّل لجنة حقوق الإنسان في المؤسّسات الإرساليّة الحبريّة في ألمانيا، عبّر في قلق السوريِّين من استغلال الأخوة المسلمين للفراغ السياسي.